غرفة العلاج النفسي.. الشبح الأسود
غرفة العلاج النفسي.. الشبح الأسود
مع ازدياد الوعي النفسي في السنوات الاخيرة وانتشار أهمية الصحة النفسية إلا أن فكرة “العلاج النفسي” مازالت
تحمل الكثير من الغموض وتثير مشاعر القلق والتوتر لدي الكثير ممن يفكرون في اتخاذ تلك الخطوة، لدرجة قد تدفع البعض إلي التراجع عن خطوة العلاج النفسي من الأساس.
في هذا المقال سنقوم بنسليط الضوء على أهم 10 مخاوف متعلقة بغرفة العلاج
النفسي، وإظهار حقيقتها، ونتمنى أن تساعدك علي التغلب علي مخاوفك وإتخاذ القرار السليم.
أسباب الخوف من العلاج النفسي
“القاعدة تنص على أنه إذا عرف السبب توفرت الحيل و بطل العجب “.. فدائماً ما يكون أول الطرق لحل مشكلة ما هو الاعتراف بوجودها.
1- الخوف من وصمة المرض النفسي
بالرغم من ازدياد الوعي النفسي العام مقارنة بما قبل،لا تزال الوصمة السلبية المرتبطة بالمرض والعلاج النفسي منتشرة في مجتمعاتنا العربية.
بينما تعد زيادة ضغوط الحياة اليومية والتجارب المؤلمة التي يمر بها البعض؛ سبباً كافياً للحصول على طلب المساعدة النفسية.
ربما السبب هو النظرة الضبابية غير الدقيقة عن العلاج النفسي، أنه مقصور علي الأشخاص الذين يعانون الاضطرابات النفسية والأمراض العقلية الحادة والمزمنة.
كما أن الإتجاه االحالي يسعي لتطبيق علم النفس الإيجابي، الذي يركز علي كشف قدرات الأفراد، وتزويدهم بالمهارات الحياتية التي تعزز إمكانياتهم، وتوجه طاقتهم لتخطي التحديات التي تواجههم بشكل واعي ومسؤول لتحقيق أهدافهم، وتحسين جودة حياتهم.
2- التشخيص والحكم الأبدي
هناك اعتقاد خاطئ شائع، أنه بمجرد تشخيص الفرد، فإن ذلك التشخيص لابد أن يلازمه ويكتب علي جبينه إلى الأبد.
و الحقيقة أنه مع الكم الهائل من الكشوفات النفسية المتتالية، والعلاجات التي يتم تطويرها علي مدار الساعة، تزيد نسبة أن يتعافي الأفراد بالمواظبة علي العلاج، فيصبح التشخيص جزءاً من التاريخ النفسي للشخص.
تماماً كما هو الحال في العلاج البدني عندما ندرج العمليات الجراحية، والأمراض التي تم الاستشفاء منها كجزء من التاريخ الطبي للفرد لمساعدته بشكل أفضل عند اللزوم.
3- الخوف من الانفتاح على شخص غريب
قد يشعر البعض بغرابة من فكرة الدخول إلي غرفة شخص لم يقابلونه من قبل، ومشاركة معلومات شخصية وسرية عنهم، فهو يعد نوع غير مألوف من العلاقات، ولكن ذلك تحديداً ما يجعل العلاقة العلاجية فريدة ومفيدة.. يمكنكم معرفة المزيد من خلال الإطلاع علي هذا مقال (بداية الرحلة..الجلسة الأولي في رحلة العلاج النفسي)
عملية البوح بمشاكلك الأكثر حساسية لشخص متخصص مهني موثوق فيه، يستطيع أن ينصت إليك، وأن يرشدك بشكل حيادي في علاقة مبنية علي الاحترام والثقة والقبول، وفي سرية تامة بالطبع.
4- الخوف من الأحكام
يخشى العديد ممن يسعون للعلاج النفسي، خاصةأولئك الذين نشأوا في بيئات مسيئة، أن يتم معاملتهم بنفس الطريقة من قبل المعالج.
والحقيقية أن أهم شروط بيئة العلاج النفسي هو الأمان، ويقوم المعالجون -في سبيل استيفاء معايير ممارسة المهنة-
الخضوع لتدريبات مكثفة لتوفير علاقة علاجية آمنة قائمة علي التقبل غير المشروط، والاحترام، وتوفير أجواء
خالية من الأحكام والمقارنات والشروط.
5- الغرفة العلاجية والكليشهات السينمائية
عندما تخطر ببالك فكرة العلاج النفسي ربما يقفز إلي ذهنك شكل المسجل ثنائي الاسطوانة، وفي الزاوية يجلس طبيب يسجل ما يقول في غرفة مظلمة، ليخرج المريض من باب العيادة مردداً “أنا مش قصير اوزعة “، بينما تلك ما هي إلا صورة هزلية لا تمت للواقع بصلة.
فغرفة المعالج النفسي هي غرفة كشف مريحة وبسيطة، وفي الغالب يجلس المعالج في كرسي مقابل لكرسي العميل ويدّون الملاحظات دون تسجيل، ولا يمكن بأي حال تسجيل الجلسات دون إذن العميل وموافقته.
كما أصبح متاح الآن بفضل منصات مثل شيزلونج تلقي الجلسات أونلاين بشكل يمنح العميل حرية اختيار المكان المريح بالنسبة له .
6- ما الجديد الذي سيقدمه العلاج النفسي
ربما يفكر البعض أن الطبيب النفسي هو فيلسوف حكيم لا يسعه سوي “للتنظير” وإلقاء نصائح مجردة غير قابلة للتطبيق أو أفكار مستهلكة خطرت ببالك ألف مرة.
بينما يتوقف نجاح العلاج النفسي بشكل أساسي علي المتعالج، إلا أن وجود معالج مؤهل أكاديميا ً ذي خبره مهنية
يساعدك علي الاستبصار بجوانب ربما لم تدرك وجودها أو علاقتها بمشكلتك من قبل، كما يساعدك علي النظر
للمواقف من زوايا مختلفة وتعديل أفكارك وما يخالطها من مشاعر.
بالإضافة إلي أن المدارس العلاجية متعددة وذات أساليب وتقنيات مختلفة، وقد ينتقل المعالج من أسلوب لآخر وفقاً للحالة ودرجة الوعي النفسي وإدراك العميل.
7- بوابات الماضي
قد يعتقد البعض أفضل طرق لتجاوز تجارب الماضي المؤلمة هو تجاهلها.
بالطبع كلنا نتمنى أن يكون الأمر بتلك السهولة، فهذا أشبه بتفكير طفل يغمض عيناه حتي لا يراه أصدقاؤه أثناء لعب
الأستغماية.
ولكن في حقيقة الأمر أن كل الأفكار و المشاعر المكبوتة والمواقف التي لم نضع لها حداً، ونهاية قد لا تكون سوى محركات رئيسية لأفعالنا وحساسيتنا غير المبررة تجاه بعض المواقف.
8- دوامة العلاج النفسي
يعتقد البعض أنه ما إن تطأ قدماه عيادة المعالج النفسي فإنه لن يستطيع الخروج ابداً.
والحقيقة أنه غالباً ما يضع المعالج النفسي خطة علاجية زمنية، وتتوقف مدى فعالية تلك الخطة بشكل أساسي علي
ماهية المشكلة، ودرجة وعي الفرد بها.
فالأمر متوقف علي مدى إرادة، واستعداد، وأداء المتعالج وقدرته علي الالتزام بالجلسات والتكليفات الموكلة إليه.
9- الخوف من الألم
حسناً.. لا يمكن إنكار حقيقة أن مواجهة تلك المشكلات قد ينطوي علي بعض الألم، ولكنه ألم شريف ومفيد وقادرعلي كسر دوائر المعاناة المفرغة التي تسجن روحك وتكبل إرادتك الحرة.
10- خوفك الأكبر
في النهاية قد تكون أكبر مخاوف الفرد مواجهة نفسه، يستمر بعض الاشخاص في بذل جهد مضني للهروب وانتظار قوى خارجية لحل مشكلاتهم، أو أن يتولى الزمن حل الأمر بدلاً عنهم.
والحقيقة أن ذلك الأمر غير صحيح بالمرة، علي العكس في بعض الحالات التي تستدعي التدخل المبكر، وكلما سارع المتعالج بطلب المساعدة كلما ساهم ذلك في تحسن الحالة وسرعة التعافي.
الآن بعد أن تعرفت علي أهم المخاوف المتعلقة بغرفة العلاج النفسي، نتمنى أن تقوم بالتغلب علي تلك المخاوف والاستعداد لجلستك العلاجية الأولي بشكل أكثر راحة اطمئنان، وللمزيد من المعلومات التي تخص صحتكم النفسية تابعوا مقالاتنا علي موقع شيزلونج.
إعداد و كتابة : إيناس طه البداوي
استشاري التربية والصحة النفسية
المصادر
Why don’t people seek help for mental illness?: High watch recovery. High Watch Recovery Center. (2020, July 7). https://highwatchrecovery.org/why-dont-people-seek-help-for-mental-illness/.
Stigma and discrimination. (n.d.). https://www.psychiatry.org/patients-families/stigma-and-discrimination.
Frequently asked questions. NAMI. (n.d.). https://www.nami.org/FAQ/General-Information-FAQ/Can-people-recover-from-mental-illness-Is-there-a.
https://power2u.org/people-can-recover-from-mental-illness/
recover from mental illness
Fact vs myth: Mental illness basics. SANE Australia. (2021, April 21). https://www.sane.org/information-stories/facts-and-guides/fvm-mental-illness-basics.
