هل الفضفضة علاج نفسي أم ثرثرة؟
هل الفضفضة علاج نفسي أم ثرثرة؟
“أنا محتاج أتكلم مع حد..
محتاج حد يسمعني..
مش قادر أكتم أكتر من كده مخنوق جداً ولو اتكلمت هرتاح .
أنا عايز افضفض شوية مع حد يقدر وجعي”.
أغلبنا قال هذه الكلمات أو سمعناها كثيراً هذه الكلمات نوع من العلاج النفسي دون أن ندري و تسمى التفريغ الانفع. وتعرف علمياً بالتعبير الكامل والحر للمريض عن المشاعر أو العواطف، خاصة في الجلسة العلاجية، بمعنى أن تترك المريض يتحدث ويبكي ويخرج كل مشاعره، وأنت تستمتع له بإنصات شديد واهتمام بالغ، حتى يصل إلى مرحلة من الارتياح لأنه أخرج مشاعره المكبوتة.
البعض منا يقوم بهذا الأمر مع أهله أو أصدقائه، في المسجد أو في الكنيسة، ولكن العولمة والظروف الاقتصادية وسرعة وتيرة الحياة والسوشيال ميديا، أثرت على جودة المشاعر وجودة التواصل وجعلتنا أكثر جموداً، وأقل قدرة على التفاعل أو الاستماع إلى مشاكل الآخرين.
أو كما يقول العامة “احنا فينا اللي مكفينا”..
السؤال هنا لمن نفضفض وما هي فائدة الفضفضة؟
العلاج بالفضفضة عن طريق التحدث مع الآخرين
فضفض لمستمع جيد يحفظ السر، يستطيع أن يضع نفسه مكانك ويتعاطف معك ولا يحكم عليك، أو يحاول فرض رأيه عليك أو يلومك. البعض سيقول أن نوعية هذا المستمع نادرة الوجود، وأن أغلب من يستمع لنا هذه الأيام لا يؤتمن علي الأسرار وليس لديه حكمة. إذاً؛ لابد من وجود مستمع تكون وظيفته هي الاستماع بمهنية وأمانة وحكمة. وهذه الشروط لا تتوافر إلا في المعالج النفسي، الذي يحفظ خصوصية الأسرار في إطار مهني وعلمي وقانونيي. البعض سيقول أن هناك وصمة حول من يذهب إلي الطبيب النفسي، بجانب أن البعض لا يستطيع تحمل تكلفة الذهاب إلي الطبيب النفسي. بالنسبة للوصمة؛ آن الأوان أن تتغير و تتبدل هذه الصورة الذهنية حول الطب النفسي، وأن الذهاب للطبيب النفسي أصبح ضرورة في ظل العولمة وضغوط الحياة المستمرة.
تأثير الكبت على الصحة وأثرها على المشاعر
أما بالنسبة لفوائد الفضفضة فيجب أن نتحدث أولاً عن مخاطر كبت المشاعر. كلنا يتعرض للضغوط ومشاكل الحياة، ويحاول أن يتجاهلها وينساها ويكبت التعبير عنها ولكن هذه الاستراتيجية ليست ناجحة دائماً، ولها تأثيرات جسدية بعد ذلك، مثل متلازمة القلب المكسور والأعراض الجسدية النفسية.
الفضفضة تقي من تأثير الأضطراب النفسي الجسدي
يمكن أن يؤثر الاضطراب النفسي الجسدي على أي جزء من الجسم تقريبًا. تشمل الأمثلة الشائعة ما يلي:
- تعب
- أرق
- الأوجاع والآلام، مثل آلام العضلات أو آلام الظهر.
- ارتفاع ضغط الدم.
- صعوبة في التنفس (أو ضيق في التنفس).
- عسر الهضم (اضطراب في المعدة).
- الصداع والصداع النصفي.
- ضعف الانتصاب (الضعف الجنسي).
- طفح جلدي (التهاب الجلد).
- قرحة المعدة (مرض القرحة الهضمية).
كيف تقي الفضفضة من متلازمة القلب المنكسر
أما “Broken-heart syndrome” متلازمة القلب المنكسر هي حالة قلبية مُؤقَّتة غالبًا ما تَنْتُج بعد المواقف المسبِّبة للتوتُّر والعواطف الشديدة، ويُمكن أن تحدُث الحالة نتيجة مرض جسدي خطير أو جراحة خطيرة. قد تُسمَّى أيضًا اعتلال عضلة القلب الإجهادي، أو اعتلال تاكوتسيبو لعضلة القلب، أو متلازمة التضخُّم القِمِّي،و قد يشعر المصابون بمتلازمة القلب المنكسر بألم مفاجئ في الصدر أو أنهم على وشك الإصابة بنوبة قلبية، وتُؤثِّر متلازمة القلب المنكسر على جزء فقط من عضلة القلب؛ مما يُعَطِّل وظيفة الضخ الطبيعية للقلب بشكل مُؤَقَّت، أما بقية عضلة القلب لا تزال تعمل بشكل طبيعي أو قد يكون هناك تقلُّصات أكثر قوة. السبب الدقيق لمتلازمة القلب المنكسر غير واضح، لكن يُعتقد أن زيادة هرمونات الإجهاد، مثل الأدرينالين، قد تلحق ضررًا مؤقتًا بالقلب لدى بعض الأشخاص، ومن غير الواضح بشكل كامل كيفية إضرار هذه الهرمونات بالقلب وما إذا كانت هناك عوامل أخرى مسؤولة.
ويُشتبه في أن حدوث تضيّق مؤقت في شرايين القلب الكبيرة أو الصغيرة قد يلعب دورًا في الأمر، وقد يكون لدى الأشخاص الذين يصابون بمتلازمة القلب المنكسر أيضًا عضلة قلبية ذات بنية مختلفة.
أسباب متلازمة القلب المنكسر
و تحدث متلازمة القلب المنكسر عادةً بعد التعرض لتجربة جسدية أو عاطفية قاسية، وفيما يلي بعض المسببات المحتملة لمتلازمة القلب المنكسر هي:
- وفاة شخص عزيز.
- تشخيص طبي خطير.
- الاضطهاد الاسري.
- خسارة أو حتى ربح الكثير من المال.
- الانخراط في خلافات كلامية حادة.
- الاحتفالات المفاجئة.
- التحدث أمام جمهور.
- فقدان الوظيفة أو الصعوبات المالية.
- الطلاق.
كتمان وقمع المشاعر في هذه المواقف ليس صحياً؛ لذلك الفضفضة في هذه المواقف تقي من الأمراض العضوية، وتقي من الأعراض النفسية الجسدية وتساهم في جعل النفسية أكثر إيجابية، ولكن كما ذكرنا فضفضة بشكل إيجابي ومهني مع مستمع منصت ومهتم يحفظ سرك، “فضفض عشان ترتاح”.
بقلم/ دكتور إبراهيم مجدي
إخصائي الطب النفسي و المخ و الاعصاب
تم نشره سابقا في المصري اليوم
