تعرف على الجلوتوفوبيا .. رُهاب التعرض للسخرية والاستهزاء
تعرف على الجلوتوفوبيا .. رُهاب التعرض للسخرية والاستهزاء
من المؤكد أن وجودك وسط مجموعة من الأصدقاء يضحكون دائمًا لتجربة سعيدة، لكن بالنسبة للمصابين بالجلوتوفوبيا هو ليس بالتجربة السعيدة بالمرة.
“أسمع الناس يضحكون وأنا أفترض أنهم يضحكون مني. أشعر بالتوتر والاستعداد للقتال، أستطيع أن أشعر بالأدرينالين في عروقي” هكذا يوضح أحد المصابين بالجلوتوفوبيا ما يشعر به، ويضيف أخر “نادرًا ما أتحدث أو أفعل أي شيء يمكن أن يتسبب لي في أن يسخر الآخرين مني أو يضحكون عليه، لكني لا أستطيع أن أمنع نفسي من التفكير في كون كل ضحكاتهم هي عليّ في حقيقة الأمر وكل سخريتهم هي مني ولا أحد غيري!”
يواجه علماء النفس المعاصرون بصورة متزايدة حالات العزلة الاجتماعية والافتراضية للتواصل بين الشباب، ولأسباب عديدة، فإن المشكلات الناجمة عن عدم القدرة على التكيف الاجتماعي تظهر في المقدمة، فكثير من الشباب ليس لديهم المهارات الكافية للتواصل والتفاعل الاجتماعي السويّ مع بعضهم البعض، ولذلك فإن مثل هذا الخوف الاجتماعي يظهر في عدة أشكال، ومنها الجلوتوفوبيا، وهي الخوف المرضي من التعرض لسخرية الآخرين واستهزائهم، وهو الأمر الذي يظهر في كثير من الأحيان في سن مبكرة.
ووفقًا للدكتور تراسي بلات، الأستاذ في جامعة زيوريخ بسويسرا، فإن المصابين بالجلوتوفوبيا لا يفهمون في الأغلب ما هو الضحك، لذلك فإنهم يعتقدون دومًا أنه موجه لهم بطريقة سلبية خبيثة، ويشعرون بالخوف المُبالغ فيه عندما يسمعون أصوات الضحكات حولهم، وغالبًا ما يجدون صعوبة في التواجد وسط مجموعة من الأشخاص، وقد يعانون من أعراض مثل الصداع والتوتر والدوار ونوبات ارتجاف جراء التعرض للمواقف الاجتماعية المختلفة حتى وإن كانت لا تهدف للسخرية منهم أو الاستهزاء بهم كما يتخيلون ويتوقعون بشكل خاطيء أن مواقفهم الاجتماعية المختلفة ستنتهي بالاستهزاء بهم والضحك منهم.
هناك بعض العوامل التي تؤدي إلى تطوير مرض الجلوتوفوبيا مثل: السخرية المستمرة من الشخص المُصاب بالجلوتوفوبيا وخاصًة في مرحلة طفولته، تضخم الأنا بشكل لا يسمح المريض بقبول السخرية منه على سبيل الدعابة حسنة النية بأي حال من الأحوال، وعلى النقيض من العامل السابق هناك عامل أخر وهو أن يكون المريض دائم النقد لذاته بشكل يجعل أي سخرية محتملة منه هي إهانة موجعة له لأنه ربما يكون قد وجهها لنفسه من قبل فيعرف أنها ليست مجرد دعابة بمقدار كونها أمر حقيقي يثير سخرية من حوله، أما العامل الأخير فهو أن المريض بالجلوتوفوبيا ربما لا يجيد التعامل مع الدعابات ولا يتفهمها.
وقد أشارت الدراسات إلى أن هناك العديد من العوامل التي تؤدي إلى الإصابة بالجلوتوفوبيا، مثل: المرور بتجارب صعبة وقاسية في الطفولة تجعل الشخص غير قادرًا على أن يثق بنفسه بأي درجة، التعرض لصدمات عاطفية في مرحلة المراهقة، التعرض للسخرية المستمرة من قبل الآباء أو الأقارب والأصدقاء، الضغط الشديد من الآباء والمقربين حول الصورة المُثلى التي يجب أن يكون عليها الطفل مما يجعله دائم الاتهام لنفسه، التعرض للعقاب من المعلمين لأي خطأ من الأخطاء مهما كان بسيطًا، الاكتئاب على المدى الطويل وتولد انعدام الأمن في أي علاقة مع أشخاص آخرين.
بدأ البحث الأكاديمي في الأشخاص الذين يعانون من مرض الجلوتوفوبيا في عام 2008 ، مما يعني أنه لا يزال هناك غموضًا إلى حد كبير يكمن وراء هذا المرض، وهذا يعني أيضًا أن العلاج لا زال محدود نسبيًا، ويؤكد الدكتور بلات أن الأسباب هي على الأرجح تتراوح بين بيئة الطفل، وكيف تتطور شخصيته، وحياته الدراسية في المدرسة، وحياته الاجتماعية مع أصدقائه ووالديه ، وعدم تنمية روح الدعابة الخاصة به.
حاليًا يحدد علماء النفس 4 مراحل من الجلوتوفوبيا، حيث يبدأ المرض مع ظهور الخوف من المعاناة من سخرية الآخرين، و بعد فترة معينة من الوقت تبدأ نوبات الهلع في الظهور، وفي هذه الحالة، يبدأ الشخص في الخوف ليس فقط من السخرية ولكن أيضًا من الخجل المُبالغ فيه من الظهور أمام المجتمع بشكل عام، المرحلة الثالثة هي ظهور هوس الاضطهاد لدى المريض، هذه المرحلة هي بالفعل نتيجة للهزيمة الواسعة التي يتعرض لها المريض في المرحلتين السابقتين، وفي المرحلة الرابعة يبدأ المُصاب بالجلوتوفوبيا بحماية نفسه بكل الوسائل التي تمكنه من تجنب مصدر الخوف، في هذه المرحلة، يمكنك بسهولة اكتشاف العدوان من المريض و الموجه إلى أي شخص يضحك أو مبتسم.
إذا كنت تعاني من اضطراب نفسي ولا تجد من ينصت لك أو يقدم لك يد العون، فلا تتردد في التواصل مع فريق أطباء شيزلونجليكون رفيقك في رحلة التعافي النفسي.
كتبته لشيزلونج: نيرة الشريف
المصادر: