Article

كيف تحمي نفسك نفسيًا في ظل أخبار الحرب والفوضى؟

wordpress blog image 4

كيف تحمي نفسك نفسيًا في ظل أخبار الحرب والفوضى؟

المقدمة

وسط أخبار الحرب اللي حوالينا في كل مكان، بيعيش الإنسان حالة من القلق والتعب النفسي، حتى لو هو مش في قلب الحدث. صور، صرخات، مشاهد دمار… كلها بتدخل علينا من الشاشات، وتسيب جوا نفسنا أثر ممكن يكبر ويتحول لتعب نفسي حقيقي.
بس في وسط ده كله، بييجي سؤال مُلح:
إزاي أتابع اللي بيحصل من غير ما أتحول لضحية؟ إزاي أبقى واعي ومنفتح على العالم، وفي نفس الوقت أقدر أحمي طاقتي ونفسيتي؟

تأثير الأخبار على النفس والمشاعر؟ 

مش لازم تكون في قلب الحرب علشان تحس بالخوف أو القلق أو الوجع.
مجرد متابعتك اليومية لأخبار الانفجارات، صرخات الأمهات، صور الدمار، كل ده بيخلق جو نفسي ثقل. عقلك مش بيفرق بين اللي شُفته فعليًا واللي شُفته من خلال الشاشة.

يشرح الطبيب النفسي باسل فان دير كولك في كتابه “The Body Keeps the Score” إن الصدمة مش لازم تحصل لجسمك مباشرة علشان تترك أثر. المخ ممكن يستقبل صورة أو صوت كأنها تجربة حقيقية، ويبدأ في تفعيل أنظمة الطوارئ في الجسم: تسارع ضربات القلب، توتر العضلات، اضطراب في التنفس.
ومع التكرار، بنتعرض لحالة اسمها “الصدمة غير المباشرة” (vicarious trauma)، ودي بتحصل لما نعيش معاناة الآخرين بشكل متواصل من غير ما ناخد بالنا إننا محتاجين “نفصل”.

وهنا بييجي دور الوعي. بتوضح سوزان ديفيد في كتابها “Emotional Agility”، إن المشاعر القوية مش عدو، لكنها إشارة. هي بتقول إن المشكلة مش في اللي بنحس بيه، لكن في الطريقة اللي بنتعامل بيها مع الإحساس ده. لما ندفن خوفنا أو نغرق في الحزن من غير ما نلاحظ أو ننظّم مشاعرنا، بنفقد توازننا ونبقى أسرى لدوامة داخلية مالهاش نهاية.

ومع الوقت، التعب النفسي بيبدأ يظهر في حاجات صغيرة:
نوم متقطع، تفكير مشوش، خمول مفاجئ، إحساس بالثقل من غير سبب واضح.
تبدأ تسأل نفسك: “أنا ليه مرهق كده؟”، من غير ما تدرك إن عقلك استنزف طاقته في محاولات مستمرة لفهم أو مقاومة كل الألم اللي شايفه حواليك.


إزاي تعرف إنك متأثر نفسيًا؟ (علامات التحذير المبكرة)

كتير من الناس بيظنوا إنهم “كويسين” لأنهم لسه بيشتغلوا، أو بيخرجوا، أو بيضحكوا عادي. لكن الحقيقة إن التعب النفسي مش دايمًا بيصرّح عن نفسه بشكل واضح. أوقات بيظهر في حاجات صغيرة، صامتة، لكنها مؤذية على المدى الطويل.

لو لقيت نفسك:

  • بتتجنب تفتح الأخبار لكن في نفس الوقت مش قادر تبطل تفكر فيها.
  • بتحس بتوتر أو قلق بمجرد ما تفتح الموبايل.
  • بتلاحظ إن نومك اتلخبط أو بقيت تصحى تعبان.
  • عندك إحساس بالذنب أو العجز، كأنك مش بتعمل كفاية.
  • بقى في فتور تجاه الحاجات اللي بتحبها.
  • عصبيتك زادت من غير سبب واضح.
  • حاسس بثقل داخلي، كأنك شايل حاجة على قلبك.

فده معناه إن جهازك النفسي بيتأثر بشكل فعلي، حتى لو ما كنتش واعي بده طول الوقت.

لان العقل ممكن “يفصل” عن الإحساس كآلية دفاعية، وده بيخلي ناس كتير تحس إنها “كويسة” وهي في الحقيقة بتعيش حالة من الإنفصال العاطفي. وبالتالى أهم خطوة هي الاعتراف بالمشاعر من غير خجل ولا إنكار، لأن القمع بيحوّل المشاعر إلى طاقة محبوسة بتنفجر لاحقًا.

العلامات دي مش ضعف. دي استغاثة هادئة من نفسِك… وبتقولك: أنا محتاجة راحة.

أدوات الحماية النفسية: إزاي تتابع الأخبار من غير ما تنهار؟

في أيام زي دي، عنوان واحد كفيل يهدّك. خبر عاجل عن تصعيد أو تهديد جديد، كأنه جرس إنذار داخلي بيقولك: “خطر قريب”.مبقاش الموضوع مجرد تعاطف، بقى شعور واقعي إنك إنت كمان في دايرة التهديد

فإزاي تقدر تتابع وتفهم اللي بيحصل، من غير ما يتحول ده لعبء نفسي يومي؟إزاي تفضل واعي، من غير ما تنهار؟

في 3 أنواع من الأدوات تقدر تبدأ بيهم: ذهنية – عاطفية – جسدية. كل نوع منهم بيسندك بشكل مختلف.

أولًا: أدوات ذهنية – قلل حجم المعلومة علشان تقدر تتحملها

  • تابع الأخبار في وقت محدد، مش طول اليوم. مثلًا، مرتين في اليوم لمدة 20-30 دقيقة.
  • اختار مصادر هادية ومحايدة. اللي بيصوّر العالم بينهار طول الوقت، بيزود خوفك ومش بيزوّد وعيك.
  • قلل مشاهدتك للفيديوهات والصور العنيفة. مش لازم تشوف كل حاجة علشان تبقى واعي

سوزان ديفيد بتقول: “رد فعلك هو المساحة اللي تقدر تتحكم فيها، حتى لو العالم حواليك خارج عن السيطرة.”

احجز جلسة مع معالج يمكنه مساعدتك فيما يتعلق بهذا الموضوع
هدى رضوان
هدى رضوان
طبيب نفسي
4.85 (443 المراجعات)
عرض الصفحة الشخصية
ريتا شنايس
ريتا شنايس
أخصائي نفسي
4.95 (246 المراجعات)
عرض الصفحة الشخصية
محمد الشامي
محمد الشامي
طبيب نفسي
4.61 (639 المراجعات)
عرض الصفحة الشخصية
علاء العشري
علاء العشري
طبيب نفسي
4.95 (288 المراجعات)
عرض الصفحة الشخصية

ثانيًا: أدوات عاطفية – فِض مشاعرك بدل ما تكتمها

  • خصص وقت بسيط تكتب فيه اللي حاسس بيه. حتى خمس دقايق كفاية تفرّق بينك وبين القلق.
  • ما تحكمش على مشاعرك، بل تقبلها “المشاعر مش عدو، المشاعر دليل. وإهمالها بيكبرها.”
  • لو فيه شخص قريب بتثق فيه، اتكلم معاه. ولو مش متاح، دوّن مشاعرك كأنك بتكلّم حد  

ثالثًا: أدوات جسدية – رجّع جسمك لمنطقة الأمان

  • النوم المنتظم بيساعد عقلك يستقر. الأخبار تقدر تستنى، لكن جسمك محتاج يرتاح.
  • حركة بسيطة يوميًا – زي المشي – كافية تفرّغ طاقة الخوف اللي بيخزنها الجسم.
  • تمرين تنفس بسيط (4 شهيق – 4 حبس – 6 زفير) يهدّي أعصابك في دقايق.

من كتاب “The Body Keeps the Score”: “الصدمة مش بس في الدماغ… الجسد بيحتفظ بيها، والحل بيبدأ منه.”

 كيف نتعامل مع الشعور بالذنب تجاه من يعانون؟

في أوقات الأزمات، بيظهر صوت جواك يقول:
“إزاي أنا عايش في أمان وفي ناس بتموت؟ إزاي أسمح لنفسي أضحك؟ أستمتع؟ أنام مرتاح؟”

الشعور بالذنب تجاه معاناة الآخرين إحساس شريف، لكنه ممكن يتحوّل بسهولة لحِمل تقيل يمنعك حتى من القدرة على تقديم أي دعم حقيقي. وهنا لازم نعيد تعريف “الإنسانية”:

“أنت مش لازم تكون غرقان علشان تُظهر تعاطفك مع اللي بيغرق.”
أوقات، أفضل ما تقدمه للعالم هو إنك تحافظ على نفسك سليمة، عشان تقدر تكون نور وسط العتمة.

سوزان ديفيد بتقول إن فيه فرق بين “الذنب البنّاء” و”الذنب المُعطِّل”:

  • البنّاء: بيخليك تعمل حاجة – تتبرع، تساند، تنشر وعي.
  • المُعطِّل: بيشلّك، ويخليك تغرق في جلد ذات من غير فعل.

لان الجسم مش بيقدر يفرّق بين الخطر الحقيقي وبين حمل الذنب بشكل مستمر. كل ما تحمل الشعور ده من غير تفريغ، بتعيد تفعيل نفس دوائر الخوف والتوتر، وكأنك في قلب المعركة.

فبدل ما تقتل نفسك بالذنب، اسأل نفسك:
“إيه أكتر فعل بسيط أقدر أقدمه، من غير ما أضيّع نفسي؟”
ده ممكن يكون دعم نفسي لصديق، نشر معلومة مفيدة، أو حتى صلاة والدعاء من قلبك. مش دايمًا لازم يكون فعل كبير.

أحيانًا، الحفاظ على سلامك النفسي هو الفعل.

الخاتمة

“في قلب العاصفة، لا نملك دائمًا أن نُوقف الريح… لكن نملك أن نُثبّت أقدامنا.”

في وسط أخبار الحرب والتهديد والفوضى، طبيعي جدًا تحس إنك عاجز أو تايه.
بس لو فيه شيء واحد تقدر تتحكم فيه، فهو محاولتك للحفاظ على نفسك.

مش لازم تكون قوي طول الوقت. ومش مطلوب منك تفهم كل حاجة أو تنقذ العالم.
المطلوب بس إنك تحافظ على الجزء السليم جواك، لأن ده هو اللي هيسندك، وهو اللي هيخلي عندك طاقة تفكر، تحس، وتتصرف.

خد بالك من نفسك علشان تقدر تشوف الواقع من غير ما يكسرك.