Article

علاقات خطرة و التليفون الخربان(نموذج أمل فاتن حربي)

Image 1 1

علاقات خطرة و التليفون الخربان(نموذج أمل فاتن حربي)

عندما كنا  أطفالا كنا نلعب لعبة جماعية تسمي التليفون الخربان ،

كانت فكرة اللعبة الأساسية ترتكز علي وجود رسالة يقوم أول شخص

في المجموعة بإختيارها، ثم يوصلها لمن يليه بشكل سريع و مشوش،

ويتناوب الأطفال في تناقل تلك الرسالة من شخص للآخر حتي تصل

إلي آخر شخص في المجموعة، فيصيح بفحوي الرسالة ..

التي غالبا ما كانت تطرحنا جميعا أرضا من الضحك لأن الكلمة المرسلة

عند تناقلها بين أفراد المجموعة مع التشويش و التلويث تفقد هويتها

تماما و تتحول لكلمة أخري بعيدة كل البعد عن الرسالة الأصلية .

فقد تجد التفاحة أصبحت فتاحة ، و قد تجد كلمة “تليفون” أصبحت

زيزفون .. في النهاية أصبحت ممسوخة و بلا معني أو هدف .


الحقيقة إن بعض العلاقات بين الأشخاص قد تشبه كثيرا لعبة التليفون

الخربان ، إذا أخذنا المسلسل الإجتماعي (فاتن أمل حربي)نموذجا

-وبغض النظر عن ردود الأفعال المتضاربة نحو المسلسل – إلا أنه يسرد

سردا واقعيا لحكاية متكررة في مجتمعنا ، ولكن المدهش أنك إذا قمت

بعمل تحليل نفسي بسيط لشخصيات المسلسل ستجد أن الأحداث

و العلاقات ما هي إلا نتائج منطقية للشروخ التربوية في حياة الأبطال

و التي يتناقلها جيل بعد الآخر ،حتي يقرر أحدهم وقف دائرة الأذي

والتي كانت في ذلك النموذج هي “فاتن أمل حربي ” بذاتها  .

في هذا المقال نتناول بعض العلاقات المسممة التي تناولها المسلسل و التي تصب صبا في وعاء مجتمعنا والتجربة البشرية بشكل عام .

العلاقة الأولي

تعد علاقة الأطفال بوالديهم هي أول علاقة حقيقية يحظي بها الشخص و تساهم في تكوين شخصيته .
ومن هنا ابتدع سيجموند فرويد مفهوم عقدة أوديب ،الذي استوحاه من أسطورة أوديب الإغريقية،

وهي عقدة نفسية تطلق على الذكر الذي يحب والدته ويتعلق بها ويغار عليها من أبيه فيكرهه،

وهي المقابلة لعقدة إليكترا عند الأنثى.

إفترض فرويد عند تناغم علاقات الأطفال بالوالدين من نفس جنسهم، فإن تلك المرحلة تمر بسلام وبشكل سوي.

ولكن إذا كانت تشوب تلك العلاقات شاذة و مؤلمة بالنسبة للطفل فعنئذ تتكون الصدمة التي قد تصاحب أؤلئك

الأطفال حتي بعد بلوغهم .

علاقة الأم المتسلطة و الإبن  الإعتمادي (إبن أمه)

كلام ماما يمشي عالتخين !! .. صرخ بها سيف لزوجته فاتن في إحدي المشاجرات التي نشبت بينهم ..

الحقيقة إن إبن أمه هنا ليست سبة و إنما هي وصف لإبن المرأة التي

تمارس أنواع العنف و التسلط علي أطفالها ، فهي غالبا تربي إبناً خاضع

بالكامل لها ،لآرائها لكل من يشبهها أوعلي النقيض فهي تربي ذكرا

متسلطا مثلها،خاصة إذا تزوج من إمرأة غير متسلطة ( والتي غالبا ما

تكون إختيار أمه ) .


تعتبر علاقة الرجل بوالدته مهمة في كيفية رؤيته لذاته ، ولها تأثيرات

قوية على تفاعله مع الآخرين، وشعوره بالاستقلالية.

قد تتلاعب الأم المتسلطة بإرادة إبنها من خلال صب غضبها عليه أو

الخصام والتطلب المفرط والتوقعات العالية وعدم المرونة تجاهه

،و ليس من السهل على مثل هذا الرجل أن يفك ارتباطه بوالدته ،حتى

لو كانت صعبة المراس ،بل علي النقيض ، فمن المتوقع أن يقوم

بالإستسلام التام  و تنفيذ مطالبها بدون تفكير  ؛ مما يضر  وقد يصل

لتدمير بعلاقته الرومانسية و الزوجية .

علاقة ثنائية و لكن(حكاية الصالون المدهب)

ماذا لو أصبحت العلاقة القدسية الثنائية للزواج بين الرجل و زوجته،

علاقة غير منطقية خاضعة لتحكم العديد من الأطراف،التي تتشابك

احجز جلسة مع معالج يمكنه مساعدتك فيما يتعلق بهذا الموضوع
( المراجعات)
عرض الصفحة الشخصية
( المراجعات)
عرض الصفحة الشخصية
( المراجعات)
عرض الصفحة الشخصية
( المراجعات)
عرض الصفحة الشخصية

و تتجاذب نسيج العلاقة حتي تمزقه بالكامل .


قد يكون ذلك نتاج معادلة ثلاثية مكونة من

(زوج +أم مسيطرة+ زوجة), تلك المعادلة التي بدأت مع فاتن

من أول لحظة عند شراء الصالون علي ذوق أم سيف،بدلا من الأنتريه

المودرن الذي حلمت به فاتن ،وصولا إلي مشهد محكمة الأسرة ..

 في تلك المعادلة سيبذل الزوج قصارى جهده لخضوع جميع الأمور

لسيطرة أمه، بل وإقناعهم أن طريقتها هو أفضل طريق يمكن سيره.


مع العلم أنه يجب عدم الخلط بين تلك الصورة لعلاقة مشوهة يقودها ثلاثة أطراف،

وضرورة إحترام أباؤنا و أرائهم والإستفادةمن  خبراتهم  ..

الإحترام شئ و الخضوع و الإنصياع التام وصولا لدرجة ظلم الآخرين شئ آخر.

علاقة الأب المؤذي ببناته

(إسمي نادين فاتن أمل حربي )

كذلك دقت نادين إبنة فاتن و سيف في المسلسل ناقوص الخطر بأن

إختارت إلغاء إسم أبيها تماما كما قرر هو إلغاء وجوده ،ووضع بناته

ضمن وثيقة الطلاق الذي طلق بها أمهم. كذلك قد يعتبر بعض الآباء

أبنائه من ضمن ممتلكاته الشخصية ،فبالتالي من حقه المنع أو العطاء

وفقا لمعاييره الشخصية ،وقد يفعل أي شئ ليحصل على ما يريد

حتى لو كان ذلك بالمخاطرة بإلحاق الضرر بأسرته وأفرادها .

ذلك الأب يؤثر سلبا علي حياة بناته العاطفية بشكل كبير ،كما أشرنا

سابقا أن فرويد قد أكد عن دور الآباء في حياة بناتهم العاطفية  

كأول نموذج للرجل في حياتها ،من خلال كيفية نظرة أؤلئك الآباء

لأنفسهم كرجال و تفاعلهم مع زوجاتهم ،وأهمية تلك العوامل في

تطور حياة بناتهم المستقبلية العملية و الزوجية و الجنسية أيضا.

فوجود الأب بشكل إيجابي ،صحي و فعال في حياة بناته يكسبهم

النضج ،والثقة بالنفس ،وبالتالي يتنبأ بحياة عاطفية ذات جودة .

ففي الغالب وفقا لرأي فرويد إن الأب هو الرجل الذي يضع المعيار

الذي سيُقاس من خلاله أصناف الرجال الآخرين.

كلمة أخيرة

لا يمكن دفن رؤوسنا في التراب، و الإدعاء أن أحداث المسلسل

الإجتماعية منافية للواقع ، ولكن كل ما نرجو أن ننظر لشباك النور

الذي فتحته فاتن عليها بوضع مصلحة بناتها في المقدمة، و ألا تتخلي عنهم هي الأخري .

فاتن تعافر لنيل أخذ حقها و حق بناتها كل يوم .فاتن تقبل المساعدة

و تطلبها وتضيف كل يوم حليفا لدعمها , فاتن رسمت شجرةلتحتمي

بها هي و بناتها عندما نفدت كل حيلها ..

علي أحدهم بالنهاية أن يكون مثل فاتن و يوقف دائرة الأذي ..


ففي النهاية علي أحدهم كسر التليفون الخربان.

 

نود أن نذكرك بأنه يمكنك طلب المساعدة من فريق شيزلونج للاستشارات النفسية، عبر التواصل مع  فريق من أكفأ الأطباء والمعالجين الذين يسرهم تقديم المساعدة والدعم ، احجز جلستك الآن وأبدأ رحلة الاستشفاء، وللمزيد من المعلومات التي تخص صحتكم النفسية تابعوا مقالاتنا علي موقع شيزلونج.

إعداد و كتابة : إيناس طه البداوي
استشاري التربية والصحة النفسية

المصادر

  • Psychology Today: Mother, Damned-estJournal of Child and Family Studies: Helping or Hovering? The Effects of Helicopter Parenting on College Students’ Well-Being
  • Science Daily: Overbearing Parents Foster Obsessive Children https://psychcentral.com/blog/recovering-narcissist/2018/09/narcissistic-mothers#1
  •  . Alleyne-Green, B., Grinnell-Davis, C., Clark, T. T., Quinn, C. R., & Cryer-Coupet, Q. R., “Father Involvement, Dating Violence, and Sexual Risk Behaviors Among a National Sample of Adolescent Females,” Journal of Interpersonal Violence, 31, no.5 (2014): 810-830.
  • Amato, P. R., & Cheadle, J., “The long reach of divorce: Divorce and child well-being across three generations,” Journal of Marriage and Family, 67, no.1 (2005): 191-206.
  • Amato, P. R., & Gilbreth, J. G., “Nonresident Fathers and Children’s Well-Being: A Meta-Analysis,” Journal of Marriage and the Family, 61, no.3 (1999): 557.
  • Amato, P. R., & Patterson, S., “The intergenerational transmission of union instability in early adulthood,” Journal of Marriage and the Family, 79, no. 3 (2017): 723-738.
  • Charmaz, K., Constructing Grounded Theory, 2nd ed., (Los Angeles, CA: SAGE, 2014).
  • Coley, R. L., “Daughter-Father Relationships and Adolescent Psychosocial Functioning in Low-Income African American Families,”  Journal of Marriage and Family, 65, no. 4 (2003): 867-875.
  • Cui, M., Fincham, F.D, & Durtschi, J. A., “The effect of parental divorce on young adults’ romantic relationship dissolution: What makes a difference?,” Personal Relationships, 18, no. 3 (2011): 410-426.
  • Krampe, E. M., & Newton, R. R., “Reflecting on the Father: Childhood family structure and women’s paternal relationships,” Journal of Family Issues, 33, no. 6 (2012): 773-800.
  • Nielsen, L. “Young adult daughters’ relationships with their fathers: A review of recent research,” Marriage & Family Review, 50, no. 4 (2014): 360-372.
  • Wolfinger, N. H., “Trends in the intergenerational transmission of divorce,” Demography, 36, no. 3 (1999): 415-20.
  • Wolfinger, N. H., “More evidence for trends in the intergenerational transmission of divorce: A completed cohort approach using data from the general social survey,” Demography, 48, no. 2 (2011): 581-592.