Article

للحمل وجه نفسي أيضًا: اكتئاب الحمل

depression during pregnancy 1

للحمل وجه نفسي أيضًا: اكتئاب الحمل

“ر” مثلها مثل الكثيرات، كانت تتمنى تلك اللحظة التي ستحمل أحشاؤها فيها طفلًا تكون له كل شيء،لكنها حين تحقق لها ما تمنت وجدت نفسها عاجزة عن فهم مشاعرها!

بداية من حالة الشرود الذهني التي أصابتها في حجرة الطبيبة التي أنبأتها بالخبر السعيد وصولًا إلى تلك اللحظات التي ورد على ذهنها خلالها التخلص من حياتها دون معرفة أسباب واضحة.  “ر” لا تعرف أن ما تمر به ببساطة هو اكتئاب فترة الحمل، والذي يمكنها التعامل معه بشكل واعي أكثر إذا أدركت أبعاده كاملة.

في الحمل: تقلبات مزاجية ونوبات اكتئابية

إذا كنتِ قد مررتِ بتجربة الحمل فمن المؤكد أنكِ تعرضتي لتقلبات مزاجية غير مسببة، وإذا كنت زوجا مرّت زوجته بهذه التجربة، فمن المؤكد أنه كان لديك العديد من التساؤلات حول كيفية التعامل مع الزوجة خلال موجات غضبها العارمة، أو خلال نوبات بكائها غير المفهومة.

بعض هذه النوبات الاكتئابية تكون متعلقة بهواجس تطرأ على الأم خلال فترة حملها، فهناك العديد من التساؤلات التي تلّح على ذهن الأم غير فاعلة أي شيء سوى إثارة مخاوفها وقلقها، مثل هل سأكون أما جيدة؟ كيف يمكننا تدبر شؤوننا المالية لتلبية احتياجات الوافد الجديد؟ هل سيكون طفلي معافى وبصحة جيدة؟ هل أفعل الأشياء الصحيحة سواء على مستوى التغذية السليمة أو تهيئة الحياة لاستقبال الطفل؟  كل هذه التساؤلات تضع الكثير من الضغوط على الأم، تجعلها تتخيل أن عليها أن تفعل كل شيء وأن تأتي بكل الخوارق لتكون على الأقل قد فعلت ما عليها، وأنها لم تذنب أو تقصر في مسؤوليتها تجاه صغيرها.

الحمل من الأحداث التي تغير وجه الحياة، ليس فقط لأنه فترة استعداد لاستقبال عضو جديد في الأسرة، ولكن أيضًا لأنه في ذاته فترة من الحياة مليئة بالتغيرات الجسدية والعاطفية، ربما التمكن من فهم هذه التغييرات سيمكنكِ من الحصول على فترة حمل هادئة من العواصف النفسية الصاخبة، أو سيمكنك من التعامل مع زوجتك أو أحد المقربات منك أثناء مرورهن بتلك الفترة من حياتهن.

PPD during pregnancy

وعن أسباب التغيرات المزاجية خلال فترة الحمل فهي تعود إلى عدة متغيرات، منها الضغوط الجسدية بسبب المتاعب المتكررة المتعلقة بفترة الحمل وما يعتري المرأة الحامل من تغيرات، ومنها كذلك التغيرات الهرمونية التي تحدث في جسد الحامل بسبب زيادة إفراز هرمونات الاستروجين والبروجسترون، وهي التغيرات التي تؤثر في  مستوى الناقلات العصبية أيضًا، و هي المواد الكيميائية التي تنظم الحالة المزاجية، وتعد الفترة الأصعب في التقلبات المزاجية للحامل خلال الثلث الأول من الحمل، تحديدًا من الاسبوع السادس وحتى العاشر، حيث يحاول الجسم التأقلم مع مستوى زيادة الهرمونات، والتغلب على المتاعب الصحية التي تواجهه، و يليها الثلث الأخير من الحمل، حيث يبدأ الجسم في الاستعداد للولادة.

Book a session with a therapist who can help you concerning this topic
( reviews)
View Profile
( reviews)
View Profile
( reviews)
View Profile
( reviews)
View Profile

وتشمل أعراض الاكتئاب خلال فترة الحمل: القلق المتكرر والعصبية المفرطة تجاه أي أمر أيًا كانت درجة بساطته، واضطرابات النوم حيث ربما وجدت الأم نفسها تنام لأوقات قليلة جدًا على عكس الاحتياج الفعلي لجسمها الذي يحتاج إلى قدر كاف من النوم، كذلك عدم القدرة على التركيز على أي شيء لفترة طويلة، مما قد يُفقد الأم القدرة على العمل المتواصل إذا كانت عاملة، أو حتى القيام بأي نشاط لفترة طويلة نسبيًا مثل الكلام والمشاركة مثلًا، ومن الأعراض أيضًا فقدان الذاكرة على المدى القصير، فلا تتمكن الأم من تذكر التفاصيل الحياتية التي مرّت بها خلال فترة زمنية قريبة.

كيف أتعامل مع اكتئاب فترة الحمل؟

وللتعامل مع التغيرات المزاجية يجب إدراك أولًا أن هذه جميعا أمور طبيعية، وإنه جانب آخر من جوانب الحمل يجب التعامل معه مثل التعامل مع الرغبة في القيء أو فقدان الشهية تجاه الطعام، فالتعرف على مدى طبيعية الأمر وعموميته وأنه لا يتعلق بكِ بمفردك سيساعدك على التعامل الجيد مع الوضع.

كما أن هناك بعض الأنشطة التي يمكنها أن تقلل من مدى سوء التقلبات المزاجية مثل أداء بعض التمارين الرياضية المناسبة لفترة الحمل، قضاء بعض الوقت مع الزوج للحديث والمشاركة، التمشية في الهواء الطلق على حسب المقدرة الجسدية على ذلك، مشاهدة فيلم أو التنزه مع صديقاتكِ، ممارسة اليوجا المناسبة لفترة الحمل أو التأمل وسماع الموسيقى، الحصول على بعض التدليك المناسب للحمل والذي يساعد على استرخاء عضلات الجسم، هذا بالإضافة إلى الحصول على نظام غذائي متوازن يعوض ما يحتاجه الجسم من عناصر غذائية خلال هذه الفترة، والحصول على قدر كافي جدًا من النوم لتعويض الإرهاق الذي يتعرض له الجسم، كما يمكنكِ الحصول على فترات من الاسترخاء خلال النهار ووقت الاستيقاظ.

ويمكنكِ طلب المساعدة النفسية من طبيب متخصص إذا كان تقلب حالتكِ المزاجية يزداد لأكثر من اسبوعين متواصلين، ولا يبدو أنه يتحسن ولو قليلًا، كذلك إذا ازدادت التقلبات المزاجية توترًا وحدة، فيمكن للطبيب النفسي حينها أن يضع لكِ خيارات التعامل مع تقلبات المزاج الحاد، والقلق أو الاكتئاب.

ووفقًا لدراسة أمريكية فإن أكثر من 11 مليون إمرأة أمريكية تتعرض للاكتئاب كل عام، ورغم أن الاكتئاب يمكن أن يحدث خلال أي سن، إلا إنه الأكثر انتشارًا بين النساء خلال سنوات الإنجاب.

كتبته لشيزلونج: نيرة الشريف