فيه لحظات معينة في حياتنا بتحصل كأن الزمن بيتجمّد…

تبقى مركز في اللي بتعمله جدًا، لدرجة إنك مش سامع ولا شايف أي حاجة حواليك.

كل حاجة ماشية بانسيابية، بدون مجهود ظاهر — كأنك داخل موجة والطاقة بتسحبك لقدّام.

اللحظة دي اللي العلماء بيسموها حالة الـتدفق أو ال Flow.

مش سحر… دي واحدة من أعمق وأجمل الحالات النفسية اللي الإنسان ممكن يعيشها.

يعني إيه Flow أصلاً؟

عالم النفس المجري ميهالي تشيكسينتميهالي (Csikszentmihalyi) هو اللي اكتشف المصطلح ده.

الراجل لاحظ إن الناس بتبقى في قمة السعادة مش لما ترتاح…

لكن لما تكون غرقانة بالكامل في نشاط بيشدّها وبيوازن بين التحدي والمهارة.

الـFlow يعني تكون في ال zone “المنطقة” —

مش سهل ولا صعب، مش ممل ولا مرهق.

هو “الوسط الذهبي” اللي بيخليك تعمل الحاجة بحب وتركيز ومتعة في نفس الوقت.

 من الملعب للحياة اليومية

لو بصينا على ميسي وهو بيراوغ، أو كريستيانو وهو بيجهّز تسديدة دقيقة —

هتلاحظ التركيز الكامل، حركة الجسم مع العقل، ولا لحظة تردد.

ده مش صدفة. دي حالة الـFlow.

بس مش لازم تكون رياضي عشان تعيشها.

الكاتب وهو بيكتب رواية، الرسّام وهو بيرسم، أو حتى شخص بيطبخ وهو مستمتع —

كلهم ممكن يوصلوا للحالة دي.

الموضوع مش “إبداع” بس… هو عن “حضور كامل”.

إيه اللي بيحصل جوّا دماغك؟

وقت الـFlow، الدماغ بيقلّل نشاط “القشرة الجبهية الأمامية” شوية —

الجزء اللي بيحلّل ويفكّر وبيخاف يغلط.

وده بيسمح لباقي أجزاء المخ إنها تشتغل بحرّية أكتر.

النتيجة؟

• وعي أقل بنفسك (self-consciousness تقل).
• إحساس بالسيطرة.
• المتعة في المجهود نفسه مش في النتيجة.

الدراسات (مثل Dietrich, 2004؛ Ulrich et al., 2016) بتأكد إن ده بيحصل حرفيًا:

المخ بيدخل حالة اسمها “Transitory Hypofrontality” —

يعني مؤقتًا، بيوقف التحليل الزايد علشان يدي مساحة للإبداع والتركيز اللحظي.

إيه شروط الوصول لحالة الـFlow؟

العلم بيقول فيه ٣ عناصر أساسية:

1- توازن بين التحدي والمهارة:

لو الحاجة سهلة، هتزهق.

ولو صعبة جدًا، هتحبط.

لكن لما تكون في النص — فيها تحدي بسيط يخليك عايز تكمّل — ساعتها يبدأ الـFlow.

2- هدف واضح:

لازم تكون فاهم إنت رايح فين.

عقلك بيحتاج يشوف نهاية الطريق عشان يدخل الحالة.

 Feedback 3-فوري:

يعني تعرف على طول إنت بتتقدّم ولا لأ.

زي اللاعب اللي بيشوف الكورة داخلة الجون، أو الرسّام اللي شايف لوحته بتتكوّن قدّامه.

ليه بنفقد الـFlow دلوقتي أكتر من أي وقت؟

عصر السرعة والموبايل خلى مخنا دايمًا في حالة “تشتت جزئي”.

ما بين إشعارات، وScrolling، وتفكير في اللي جاي — ما بقيناش نعيش اللحظة.

علم الأعصاب بيقول إن الـFlow محتاج “تركيز مستمر” لمدة لا تقل عن ٢٠ دقيقة على الأقل.

وده اللي صعب نوصله دلوقتي لو مش متعمدين نخلّيه عادة.

إزاي تدخل حالة الـFlow في حياتك؟

1- اعمل حاجة بتحبها فعلًا:

المتعة جزء أساسي. المخ ما بيدخلش Flow في حاجة مملة.

2- اقطع المشتتات:

سيب الموبايل، اقفل الإشعارات، وخلي الوقت ده مقدّس.

3- ابدأ بتحدي صغير:

ابدأ بحاجة صعبة بنسبة 5–10% أكتر من مستواك.

كده بتدي لعقلك حافز يكمّل، مش سبب يستسلم.

4- قسّم وقتك:

جرب طريقة “Pomodoro  ” 25 دقيقة تركيز + 5 راحة.

بعد كذا مره، هتلاحظ إن دماغك بدأ يدخل موجة التركيز الطبيعي.

5- مارس التأمل أو اليقظة الذهنية (Mindfulness):

لأنها بتدرّب عقلك يعيش اللحظة فعليًا، وده الأساس لأي Flow.

مثال بسيط من الحياة الواقعية

فاكر آخر مرة قعدت تكتب أو تذاكر، ونسيت الوقت؟

أو كنت بتتمرّن والموسيقى شغالة، وكل حاجة حواليك اختفت؟

ده بالضبط الـFlow.

والجميل إنك تقدر تخلّيها عادة، مش مجرد صدفة.

زي ما قال تشيكسينتميهالي نفسه:

“الناس مش بتدور على السعادة، الناس بتدور على الانغماس.”

 الرسالة الأخيرة

الـFlow مش رفاهية نفسية، دي حالة من “الانسجام الكامل بينك وبين اللي بتعمله.”

هي اللي بتخلّي اللاعب أسطورة، والرسام عبقري، والمبدع منغمس في شغله.

لو عايز تحس بالحياة فعلاً، مش بس تعدّي فيها…

ابدأ تخلق لحظات Flow صغيرة كل يوم.

عيش اللحظة … وشوف بنفسك إزاي الزمن بيختفي.