Article

العنف الزوجي.. فات الميعاد لكن لم يفت الأوان

wordpress blog image 3

العنف الزوجي.. فات الميعاد لكن لم يفت الأوان

العنف الزوجي ليس مجرد ظاهرة اجتماعية عابرة، بل هي  رمز لجرح صامت ينزف داخل جدران البيوت ويهدد سلامة الفرد والأسرة والمجتمع، وقد استطاع مسلسل “فات الميعاد” أن يسلّط الضوء على هذه القضية الحساسة بجرأة وواقعية، من خلال تجسيد معاناة “بسمة” التي تعرّضت لأشكال مختلفة من الإيذاء الجسدي والنفسي على يد زوجها، المسلسل لم يحقق فقط نجاحًا دراميًا، بل أشعل موجة من النقاشات الواسعة على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث تفاعل الجمهور مع الأحداث، وتحوّل إلى مساحة لفضفضة وتجارب شخصية عن العنف الأسري.

لماذا تخشى النساء الحديث عن معاناتهن؟

من خلال شخصية بسمة، يمكن فهم الأسباب التي تدفع الكثير من النساء إلى الصمت أمام العنف، ومنها:

1. الخوف من المجتمع

بسمة كانت تخشى “الكلام”، تخشى أن يُقال عنها “خربت بيتها”، أو أنها “مقصّرة كزوجة”، كانت تتعامل مع معاناتها كأنها سر خطير لا يجوز لأحد معرفته، لأن المجتمع لا يرحم المرأة التي تشتكي من زوجها، بل يتهمها بالتقصير.

2. الخوف من الانتقام

كلما فكرت في المواجهة، تذكّرت نظرات زوجها، صوته العالي، تهديداته، كانت تخاف أن يؤذيها أكثر، أو ينتقم منها بطرق نفسية أو مادية أو حتى جسدية.

3. انعدام الثقة في الدعم

في إحدى الحلقات، حاولت بسمة أن تفتح قلبها وتعبر عن معاناتها، لكنها وُجهت بردٍ بارد: “كل بيت فيه مشاكل، اصبري.”

هذا الرد لم يمنحها أملًا، بل زاد من شعورها بالوحدة، وجعلها تعتقد أن لا أحد سيصدقها أو يقف بجانبها.

4. الشعور بالعار والخذلان

العنف يُشعر المرأة بالعار، وكأنها هي المذنبة، أما حين لا تجد من يساندها، تتحول خيبة الأمل إلى خذلان عميق، يقود إلى الانسحاب الداخلي والتبلّد.

ما هي الأبعاد النفسية والاجتماعية لهذا العنف الزوجي؟

العنف الزوجي لا يقتصر فقط على الإيذاء الجسدي أو اللفظي، بل يمتد ليترك آثارًا نفسية واجتماعية عميقة قد ترافق الضحية لسنوات، وربما مدى الحياة، وفيما يلي تفصيل لـ الأبعاد النفسية والاجتماعية للعنف الزوجي:

 أولاً: الأبعاد النفسية

العنف الزوجي يهاجم المرأة في أعمق مناطق الشعور بالثقة والأمان، مما يؤدي إلى نتائج نفسية متعددة، منها:

1. القلق والخوف المزمن

تعيش المرأة في حالة ترقّب دائم، تخاف من انفجار غضب الزوج أو تصرف عنيف مفاجئ، هذا الخوف المستمر يؤثر على نومها وتركيزها وحياتها اليومية.

2. الاكتئاب وفقدان الرغبة في الحياة

الشعور باليأس والعجز يجعل المرأة تدخل في نوبات من الاكتئاب الحاد، قد يصل إلى التفكير في الانتحار أو إيذاء النفس.

3. انخفاض احترام الذات

تكرار الإهانة والاحتقار يجعل المرأة تشعر بأنها بلا قيمة، عديمة الجدوى، وأقل من غيرها، هذا يؤدي إلى تدهور صورتها الذاتية، وشعورها بالذنب حتى بدون سبب.

4. اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD)

قد تعاني الضحية من ذكريات متكررة مؤلمة، كوابيس، نوبات بكاء، وتجنب أي شيء يذكّرها بالعنف، هذه الحالة النفسية تحتاج علاجًا متخصصًا.

5. الانعزال الاجتماعي والتبلد العاطفي

تلجأ كثير من النساء إلى الصمت والعزلة كآلية دفاع نفسي، فتصبح أقل تفاعلًا، وأقل رغبة في التواصل حتى مع المقربين.

احجز جلسة مع معالج يمكنه مساعدتك فيما يتعلق بهذا الموضوع
هدى رضوان
هدى رضوان
طبيب نفسي
4.85 (443 المراجعات)
عرض الصفحة الشخصية
ريتا شنايس
ريتا شنايس
أخصائي نفسي
4.95 (246 المراجعات)
عرض الصفحة الشخصية
محمد الشامي
محمد الشامي
طبيب نفسي
4.61 (639 المراجعات)
عرض الصفحة الشخصية
علاء العشري
علاء العشري
طبيب نفسي
4.95 (288 المراجعات)
عرض الصفحة الشخصية

ثانيًا: الأبعاد الاجتماعية

العنف الزوجي لا يؤذي المرأة فقط، بل يهز استقرار المجتمع نفسه من الداخل، ومن أبرز آثاره:

1. تفكك الأسرة

العلاقات الأسرية تنهار بسبب العنف، ويتأثر الأطفال نفسيًا وسلوكيًا، وقد يعيدون إنتاج العنف في مستقبلهم، الصمت داخل البيت لا يعني السلام، بل يولّد أسرًا مليئة بالخوف والكبت.

2. تشويه مفهوم الزواج

تصبح العلاقة الزوجية مرادفة للهيمنة والاضطهاد بدلًا من الشراكة والدعم، مما يُفقد النساء الثقة في فكرة الزواج.

3. الوصم الاجتماعي للمرأة المعنّفة

المرأة التي تتحدث عن معاناتها قد تواجه اللوم أو العار بدلًا من الدعم، مما يعمق ألمها ويجبرها على الصمت مرة أخرى.

4. إنتاج أجيال عنيفة أو خاضعة

الأطفال الذين ينشأون في بيئة عنيفة غالبًا ما يتأثرون نفسيًا، إما بالتطبع مع العنف أو الشعور بالخضوع والضعف، وقد يعيدون هذا النمط في علاقاتهم المستقبلية.

5. ضعف المشاركة الاجتماعية

المرأة التي تعيش تحت القهر والعنف تفقد حماستها للعمل، والإبداع، والمشاركة المجتمعية، مما يؤثر على دورها في التنمية الاجتماعية.

كيف نواجه العنف الزوجي؟

1. الاعتراف بأن ما يحدث هو عنف وليس “خلاف”

في البداية، بسمة كانت تبرّر سلوك زوجها، وتعتبره “عصبية زيادة” أو “غضب لحظي”، وهو ما تفعله كثير من النساء، لكن أول خطوة في المواجهة هي الاعتراف بالحقيقة، أن ما تتعرض له هو إيذاء نفسي أو جسدي أو اقتصادي، لا يجب السكوت عنه.

2. الوعي الذاتي والبحث عن المعرفة

من أهم مراحل القوة التي وصلت إليها بسمة هو توسيع وعيها بما تستحقه كإنسانة، قراءة، استشارة نفسية، أو حتى متابعة حالات مشابهة ساعدها على فهم أنها ليست وحدها، وأن ما تمر به له اسم وله حلول.

3. كسر الصمت والبوح

عندما قررت بسمة أن تتحدث ولو لمقربين في البداية، بدأت أولى خطوات التحرر، الصمت لا يحمي، بل يطيل أمد العنف، البوح لمن نثق به (أخت، صديقة، مختصة نفسية) يعيد ترتيب المشاعر، ويفتح باب الدعم.

4. طلب الدعم النفسي والقانوني

في المسلسل، تأخرت بسمة في طلب المساعدة، لكنها حين فعلت، بدأت تجد طريقًا للخلاص، المواجهة الحقيقية تبدأ عندما تطلب المرأة حقها القانوني وتعرف أن لها حماية، وفي بعض الحالات، تحتاج لدعم نفسي متخصص لتجاوز الصدمة، واستعادة الثقة بالنفس.

5. تأمين الذات والخطة البديلة

في مشاهد عدة، فكرت بسمة في الرحيل لكنها تراجعت خوفًا من المجهول، لكن عندما بدأت بالتفكير العملي “أين تذهب؟ من يدعمها؟ كيف تعيش؟” بدأت بوضع خطة ولو تدريجية، للخروج الآمن من العلاقة المؤذية.

لا تترد في طلب المساعدة من فريق شيزلونج للاستشارات النفسية، للتواصل مع فريق من أكفأ الأطباء والمعالجين الذين يسرهم تقديم المساعدة والدعم.

احجز جلستك الآن وأبدأ رحلة الاستشفاء، وللمزيد من المعلومات التي تخص صحتكم النفسية تابعوا مقالاتنا على موقع شيزلونج.