د. محمود الجندي يكتب: الاحتواء الحقيقي
د. محمود الجندي يكتب: الاحتواء الحقيقي
جدول المحتويات
Toggleاحنا كأطفال لما بنتولد بنتولد بدون أي خبرة مسبقة عن أي حاجة ممكن تواجهنا
وده مش مقتصر بس على أي ظروف خارجية ممكن نتعرضلها لا ده بيشمل كمان أي احساس داخلي ممكن نحسه
يعني الطفل ما بيتولدش وهو عارف الفرق بين احساس الجوع والالم والحزن والغضب والزهق والاشمئزاز
ولا بيكون عارف ايه معنى اللي بيحسه وايه تأثيره عليه ومفروض يستجيب ليه ازاي
وبالتالي أي شعور مهما كان مدلوله بيكون بالنسبة للطفل انذار خطر لأنه مجهول بالنسبة له وبالتالي ممكن يترتب عليه اي شئ
وعليه شعور بسيط زي المغص بيترجمه الطفل انه انذار بالهلاك لأن قاموسه المعرفي مفيهوش كلمة مغص يقدر يطابقها باللي حاسه
حاجات كتير بتساعد الطفل انه يتجاوز مخاوفه دي
أهمها واللي له علاقة مباشرة بالبيئة المحيطة هو دور الاب والام
الدور اللي بيقوم بيه الاب والام بنسميه containment of affect او احتواء المشاعر
وده بيتم من خلال كذا حاجة
أولا: الاستجابة السريعة لكرب الطفل
وده بيدي الطفل شعور بالامان وان مهما كان الاحساس اللي حسه خطير فانا مش بواجهه لوحدي وفي اي وقت هيحصل حاجة هلاقي بابا وماما جنبي
ثانيا: الاستجابة الدقيقة لكرب الطفل
بمعنى ان الاستجابة تكون مناسبة لمستوى شعور الطفل يعني ما اتفزعش واهلع لمجرد انه بيعيط وفي نفس الوقت مضحكش واهزر
وده بينقل للطفل صورة واقعية عن مشاعره بدون تهويل او تقليل
ثالثا: الاستجابة الصحيحة لكرب الطفل
بمعنى ان الام تكون حساسة لاحتياجات الطفل وعارفة امتى عياطه بيكون للجوع او الوجع او النوم وده بدوره بيخلي الطفل يفهم اللي حاسه ده عبارة عن ايه ويقدر يفهم مشاعره ويصنفها
والمهارات دي كلها بنسميها regulation of affect او تنظيم المشاعر
طب لو الأهل مقاموش بالدور ده
لو تم اهمال كرب الطفل وعياطه فترات طويله ده هيؤدي ان الكرب والخوف والقلق يتحول لأنه يبقى مزمن وسمة شخصية من سمات الطفل ده لما يكبر انه بيخاف ويحزن بسرعة وبيطمن ويهدى ببطء وبيبقى عرضة لاضطرابات الاكتئاب والقلق أكتر من غيره
ولو كانت الاستجابة غير دقيقة زي ان الام نفسها ما تبقاش قادرة تسيطر على مشاعرها وتتفزع وتتخض وتصوت كل اما الطفل يتخبط او يتعب ساعتها بتنتقل للطفل فكرة انه أي ألم مهما كان بسيط فهو انذار بالخطر وده هيخليه لما يكبر يتفزع من فكرة انه يتوجع او يتعب ولو حصله شوية صداع حياته تقف ويشيل الهم ويبقى كل تفكيره في الصداع العبيط اللي مطير النوم من عينه
ولو مقدرتش تعرف ابنها حاسس بايه وليه هيفضل هو بردو مش قادر يصنف مشاعره ولا يوصفها واي شعور هيحسه فيما بعد هيتفسر تفسير كارثي وهيترجم لشعور عام من الرعب والهلع وممكن شوية دوخة خفيفية او تسارع بسيط لضربات القلب يدخل المريض في نوبة هلع يحس فيها انه بيموت فعلا وان دي النهاية
الطفل مش هيتعلم يحتوي مشاعره الا لو احتويت انت مشاعره غير كدة هيكبر ومش هيتعلم ازاي ينظمها وهيفضل محتاج طول الوقت لحد جنبه يطمنه ويحتويه ومن غيره مش هيعرف يعيش
بقلم د/محمود الجندي
طبيب نفسي